المسألة الرابعة [في أن المعاصي لا تجوز على الملائكة]
  ولا فتور). رواه في (النهج) من كلام طويل، كله يؤدي هذا المعنى؛ وفي النهج) أيضاً عنه # مما يدل على عصمتهم كلام كثير.
  احتج الخصم بشبه منها هذه الآية التي نحن بصددها، وقال: هي تدل على صدور الذنب عنهم؛ لأنهم اعترضوا على اللّه تعالى، وطعنوا في بني آدم، وذلك غيبة، ومدحوا أنفسهم بقولهم: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ}[البقرة: ٣٠] ومدح النفس قبيح.
  قلنا: لا نسلم أنهم اعترضوا على اللّه، ودليل عصمتهم يمنع من حمل سؤالهم على ذلك ويوجب تأويله، وفيه وجوه:
  أحدها: أن الإنسان إذا رأى حكيماً يفعل فعلاً لا يقف على وجه الحكمة فيه فإنه يستفهم عن ذلك متعجباً، مع قطعه بأن ذلك الحكيم لا يفعل إلا لحكمة، فكذلك يقال في الملائكة، وإلى هذا ذهب المرتضى فإنه نص على أن سؤالهم كان استفهاماً لا شكاً في أمر اللّه، وذلك بعد أن كان قد أخبرهم اللّه تعالى بما يكون من بني آدم من الفساد وسفك الدماء.
  الثاني: أن إيراد الإشكال طلباً للجواب لا محذور فيه، فكأنهم قالوا: أنت الحكيم الذي لا يفعل القبيح، وتمكين السفيه من القبيح قبيح من الحكيم، فكيف يمكن الجمع بين الأمرين؟! فكأن الملائكة أوردوا السؤال طلباً للجواب.
  الثالث: أن الخير في خلق بني آدم غالب على الشر، والحكيم لا يترك الخير الكثير لأجل الشر القليل، والملائكة نظروا إلى ما يحصل