مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة السادسة [في المصلحة والمفسدة]

صفحة 2780 - الجزء 5

  ولو فعل لم يعد عاقلاً، ولهذا يقال: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.

  وقال الرازي: لا تبطل، وهو مروي عن البيضاوي، لصحة الصلاة في الدار المغصوبة، مع كون المصلحة المقتضية لها معارضة بمفسدة التحريم، والمصلحة لا تزيد على المفسدة، وإلا لما حرمت، للقطع والإجماع على أن ما يشتمل على مصلحة راجحة لا يحرم، بل ربما يجب، فيجب كون المفسدة تساويها وتزيد عليها فلو انخرمت المصلحة بذلك لما صحت الصلاة.

  والجواب: أنا لا نسلم صحة الصلاة، سلمنا، فالكلام في مصلحة ومفسدة لشيء واحد، ومفسدة الغصب لم تنشأ من الصلاة، فإنه لو شغل المكان من غير أن يصلي لأثم، وكذلك مصلحة الصلاة لم تنشأ من الغصب، فإنه لو أداها في غير المغصوب لصحت.

  قيل: والخلاف لفظي؛ لأنه يرجع إلى أن هذه المصلحة هل تبقى مع المفسدة أم لا، مع الاتفاق على انتفاء الحكم؟

  فالجمهور قالوا: عدم لزوم المفسدة شرط في كونها مصلحة، فإذا وجدت المفسدة الراجحة أو المساوية عدم المقتضي للحكم، فيجب انتفاء الحكم لانتفاء مقتضيه، والرازي يقول: انتفاء الحكم ليس لعدم المقتضي؛ بل لوجود مانع، فلزوم المفسدة عنده مانع.

  فإن قيل: كيف وقع الاتفاق على الاعتبار عند رجحان المصلحة، ولم يقع على الإلغاء عند رجحان المفسدة؟

  قيل: لشدة اهتمام الشارع برعاية المصالح وبناء الأحكام عليها.