مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثالثة [فضل العلم]

صفحة 2848 - الجزء 5

  وهذا يدل على أن العلم شريف وممدوح، وأن الجهل نقصان لذاته.

  الثاني: أن صاحب العلم محترم معظم حتى أن الرعاة إذا رأوا من جنسهم من هو أوفر منهم عقلاً وأوفر فضلاً فيما بصدده انقادوا له وأطاعوه، ولذلك قيل: العلماء إذا لم يعاندوا كانوا رؤساء بالطبع على من دونهم.

  الثالث: لا شك أن كل نفيس مرغوب فيه ينقسم إلى ما يطلب لغيره، وإلى ما يطلب لذاته، وإلى ما يطلب لغيره ولذاته جميعاً، والمعلوم أن المطلوب لذاته أفضل من المطلوب لغيره، والذي يطلب هو نحو الدراهم والدنانير، فإنهما حجران لا نفع فيهما، إلا أن اللّه تعالى يسر قضاء الحاجات بهما، والذي يطلب لذاته هو السعادة في الآخرة، والذي يطلب لهما فكسلامة البدن، فإنها مطلوبة لكونها سلامة للبدن من الألم وللمشي بها ولتوصل إلى المآرب، وبهذا الاعتبار إذا نظرت إلى العلم وجدته لذيذاً في نفسه مطلوباً لذاته، ووجدته مع ذلك وسيلة إلى السعادة الأخروية، وهي أعظم الأشياء في حق الآدمي، ولن يتوصل إليها إلا بالعلم والعمل؛ إذ لا يتوصل إلى العمل إلا بالعلم، فأصل السعادة هو العلم، فهو إذن أفضل الأشياء وأعظمها؛ إذ فضل الشيء قد يعرف بفضل ثمرته، وهذا الوجه هو لبيان فضل علوم الإسلام.

  الوجه الرابع: أنا نعلم أن الإنسان أفضل من سائر الحيوانات، وليس ذلك لقوته وصولته؛ إذ فيها ما هو مثله أو أعظم، ولم يبق إلا أن تلك الفضيلة ليس إلا لاختصاصه بمزية العقل