تفسير قوله تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين 31 قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العلي
  في عبادته، وتقديسه، وتحميده، وتسبيحه، ثم علم آدم ما يحتاجه البشر في ذلك، ثم اختلفت اللغات بتداخل بعض الألفاظ في بعض وتبديل بعض الحروف ببعض، وإلا فاللغة واحدة هي ما علمه اللّه آدم #.
  قلت: وأراد بما ذكره ما حرره في حاشيته على (شرح الغاية) من الاستدلال على ما اختاره، وحاصله: أن المعلوم ضرورة أنه لا بد من واضع، والمعلوم ضرورة أنه تعالى لم يوجد البشر في أول إيجاده العالم، وقد تيقن شرعاً أن الملائكة كانوا يسبحونه ويقدسونه قبل إيجاده لآدم، ومعلوم أن قوله: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}[البقرة: ٣٠] وقوله للسماوات والأرض: {ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا}[فصلت: ١١] خطاب قبل إيجاده #، وهو برهان قاطع على أن اللّه تعالى وضع ألفاظاً قبل خلق البشر، ومعلوم يقيناً أن تسمية يوم القيامة وما فيه من الكائنات والجنة والنار وما فيهما ليس من وضع البشر؛ إذ لا يعلمون ذلك، ووضع الاسم فرع على العلم به، وذكر آثاراً منها ما أخرجه ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس: أن أول ما خلق اللّه من شيء القلم وأمره أن يكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة، والكتاب عنده ثم قرأ: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ٤}[الزخرف]، ثم ذكر أن اللّه تعالى قد أخبر أن اسم محمد ÷ في التوراة والإنجيل، وأنه بشر مريم بكلمة منه، وزكريا بغلام اسمه يحيى