مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثامنة [في كفر إبليس]

صفحة 2926 - الجزء 5

  مع العلم واقعة بالفعل، كما تقع من علماء السوء، وفي الحديث: «كم من عالم يهلك وعلمه معه» أو كما قال، وقد رد هذا القول أبو حيان فقال: هذا فرعون كان عالماً بوحدانية الله تعالى وربوبيته دون غيره، ومع ذلك حمله حبه الرئاسة والإعجاب بما أوتي من الملك فادعى الألوهية مع علمه، وأبو جهل كان يتحقق رسالة النبي ÷ ويعلم أن ما جاء به حق، ومع ذلك أنكر نبوته وأقام على الكفر، وكذلك الأخنس وأمية بن أبي الصلت وغيرهما ممن كفر عناداً.

  قلت: كعلماء أهل الكتابين.

  قال: وقد قسم العلماء الكفار إلى كافر بقلبه ولسانه كالدهرية.

  والمنكرين رسالة النبي ÷ وكافر بقلبه مؤمن بلسانه وهم المنافقون ومؤمن بقلبه كافر بلسانه كفرعون ومن ذكر معه، فلا ينكر الكفر مع وجود العلم.

  قلت: وفي الآية رد لما ذهب إليه الإمام المهدي من أن العاصي لا يختار المعصية إلا لعدم العلم، أو تجويز العفو، أو التسويف بالتوبة؛ لأن إبليس لعنه الله اختار المعصية مع علمه وإياسه من العفو، وعزمه على ترك التوبة، كما يفيده ما حكاه الله تعالى في القرآن من أحواله وقد ذكرنا حجة الإمام وجوابها في الثالثة عشرة من مسائل قوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ}⁣[البقرة: ٧].