المسألة الثامنة [في كفر إبليس]
المسألة الثامنة [في كفر إبليس]
  في الآية دليل على أنه لا يمتنع الكفر مع العلم؛ لأن كفر إبليس كان عناداً مع علمه، بدليل ذمه وتوبيخه، واستناده في الامتناع إلى دعوى الفضل على آدم، كما قال: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ}[ص: ٧٦]. وقيل: إن كفره كان مع الجهل بأن سلبه الله ما كان وهبه من العلم، فخالف الأمر ونزع يده من الطاعة، قال ابن عطية: الكفر عناداً مع بقاء العلم مستبعد، إلا أنه عندي جائز لا يستحيل مع خذل الله لمن يشاء.
  والجواب: أن دعوى السلب خلاف الظاهر، ولا وجه للاستبعاده مع أنه لا يتأتى على مذهب العدلية؛ لأنهم إن أرادوا بالجهل الذي كفر معه الجهل المطلق بأن لا يعلم الله، ولا وجوب طاعته بوجه من الوجوه، ولا ينبه على النظر لا بخاطر، ولا بدعاء رسول ولا غيره فهو باطل؛ لأنه يكون من تكليف من لا يعلم، وحينئذ يكون ذمه وعقابه قبيحاً، والمعلوم أن الله تعالى قد ذمه وتوعده بالعقاب، وقد ثبت أن الله تعالى لا يفعل القبيح، فوجب القطع بعلمه، وإن أرادوا به الجهل من بعض الوجوه، فلا دليل عليه؛ إذ الظاهر من حال إبليس العلم بالله وبوجوب طاعته على أنه لو كان كذلك فهو غير مسلوب العلم؛ لأنه يعلم الله من وجه آخر، ولتمكنه معه من النظر الذي يحصل به اليقين، وهذا على جهة التنزيل معهم، وإلا فعلم إبليس بالله تعالى وبوجوب طاعته مما لا سبيل إلى إنكاره، والمعصية