المسألة الأولى [دلالة لفظ (اسكن)]
  من العلماء: إن من أسكن رجلاً مسكناً له أنه لا يملكه بالسكني، وأن له أن يخرجه إذا انقضت مدة الإسكان.
  قلت: وفي قول الراغب: إن السكنى أن يجعل له السكون في دار بغير أجرة دليل على أن السكنى لا تكون ملكاً عند أهل اللغة؛ إذ لو كانت تفيد الملك لم يكن لقوله: بغير أجرة فائدة، بل يكون كالمناقض لأول الكلام المستفاد منه الملك؛ لأنه لا يفهم من قول القائل: أعطيت زيداً داري أو دابتي بغير أجرة إلا أنه أعطاه مجاناً، على جهة العارية والإباحة، ولا يتبادر من هذا أنه ملكه إياها؛ بخلاف ما إذا حذف قوله: بغير أجرة.
  وقال الرازي: السكنى: هي طول المكث، وهذا يفيد أنها تقتضي الدوام.
  وقد اختلف العلماء في كونها تفيد الملك أم لا، فقال أصحابنا: هي عارية في جميع أحكامها، سواء قال: أسكنتك داري، أو هي لك سكنى، أم قال: هي لك صدقة سكنى، أو هبة تسكنها، أو صدقة تسكنها، وروى علامة العصر عن الأمير الحسين أنه قال: وأما السكنى فعارية بلا خلاف، وروي أيضاً عن القاضي زيد أنه قال: إن له استرجاعها بلا خلاف، ولو قال: هي لك عارية لا أستردها منك كان له استردادها بلا خلاف.
  وفي (البحر) عن أبي حنيفة وأصحابه أنه قال: هي لك سكنى، أو صدقة سكنى أو عمرى عارية فعارية، وإن قال: هي لك عمرى