المسألة الأولى [عصمة الأنبياء]
  والإمامية(١) كما مر في الحد، ثم اختلف هؤلاء في كيفية ثبوتها.
  فقال أئمتنا والمعتزلة: هي من قبيل الألطاف ونوع منها مخصوص كما مر في الحد، فإنه تعالى لما علم أن الأنبياء $ يلتطفون فيما عصموا منه فلا يفعلونه أمدهم بهذا اللطف، لكن عدم فعلهم إياه واقع باختيارهم اختياراً منهم للخير، وتنكباً لسبيل الهلكة، وقد مر في قوله تعالى: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}[الفاتحة: ٧] أن اللطف لا يمنع الاختيار، وتقدم قريباً أنه لو منعه لما استحقوا مدحاً ولا ثواباً، وقريب من قولنا ما مر عن ابن الهمام والماتريدي، ويمكن أن ترد إليه رواية ابن التلمساني عن الأشعرية، لكن الظاهر أن المجبرة كافة لا يثبتون الألطاف، كما مر في الفاتحة، وكذلك يمكن حمل قول الحكماء على مذهبنا لما مر في مسألة النظر من أن العلم باستحقاق الثواب والعقاب هو اللطف الحقيقي.
  وقالت المجبرة والروافض: ليست من قبيل الألطاف، وبه قال غيرهم.
  كما يعلم من الحدود السابقة، ثم اختلفوا في كيفية ثبوتها على ما مر في الحدود، من كونها بنية مخصوصة، أو تهيئة العبد أو غير ذلك؛ والحاصل أن منهم من يقول: يمنعهم الله عن مواقعة القبيح والإخلال بالواجب، بأن يبنيهم على بنية التقوي والطهارة، بحيث لا يكون لهم داع إلى غير ذلك، ومنهم من قال: يصرفهم عن المعاصي بطريق الإلجاء، ويصرف قواهم عن ملامستها.
  هذا، وأما من قال: إن ثبوت العصمة ليس من الله وإنما يفعلها
(١) هم المعبر عنهم بالروافض. تمت مؤلف.