المسألة الأولى [عصمة الأنبياء]
  الذنوب مثابون به، ولو كان الذنب ممتنعاً عنهم لما كان الأمر كذلك؛ إذ لا تكليف بترك الممتنع ولا ثواب عليه، وأيضاً فقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ}[الكهف: ١١٠] يدل على مماثلتهم لسائر الناس فيما يرجع إلى البشرية والامتياز بالوحي لا غير، فلا يمتنع صدور الذنب عنهم، كما في سائر البشر.
  قلت: وهذ الجواب في التحقيق إنما أجابوا به على أنفسهم؛ لأنهم فسروا العصمة بأن لا يخلق الله فيهم ذنباً كما مر، وقد اعترفوا بأن هذا مبني على الجبر، فثبت أنه جواب عليهم، وإبطال لعين مقالتهم، وإنما نسبت الجواب إلى (المواقف) وشرحها ليتحقق بطلان مذهبهم في العصمة وغيرها بما جرى على ألسنتهم، وقرروه في مشاهير كتبهم، وليتبين أن مذهبهم في الجبر لم يستقر على أصل، وأنهم يثبتونه لفظاً ويخالفونه اعتقاداً، ولهذا إذا ردوا قولاً لمخالفهم لم يمكنهم رده إلا بالرجوع إلى مذهب أهل العدل ¤ - وهذا الجواب هو نفس جواب العدلية عليهم في هذا الموضع وغيره، وقد مر في صدر المسألة، وبه نجيب عن كل حد للعصمة مما حكيناه في هذا الفصل يكون مبنياً على قواعد الجبر المنهارة.
تنبيه: [في من ثبتت منه العصمة وكيفية ثبوتها]
  واختلف العلماء في من ثبتت منه العصمة، وفي كيفية ثبوتها، أما من ثبتت منه العصمة فالذي عليه أئمة الزيدية وجماهير المعتزلة: أن الله تعالى هو الفاعل لها والمتولي لعصمة رسله، وهو قول المجبرة