مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الأولى [عصمة الأنبياء]

صفحة 3002 - الجزء 5

  أحدها: ما يعود إلى الخلقة، نحو أن يكون مجذوماً، أو مقعداً، أو مسلوب اليدين أو الرجلين أو أحدهما، أو ذاهب البصر، أو السمع، أو شوه الصورة على وجه ينفر منه من رآه ويستزريه كالتفاحش في القصر، ويلحق بذلك نتن الرائحة، وسلس البول، فأما بعد صحة نبوة النبي، وتبليغ رسالته، واستقرار صدقه في قلوب أمته فلا يجب امتناع العلل المنفرة عنه؛ لأنهم إذا عرفهم بفضل الابتلاء وما يترتب عليه من العوض امتنعت منهم النفرة، ودليل جواز ذلك وقوعه، كما في قصة أيوب. وعمه يعقوب، وليس ذلك بأبلغ من تمكين الظالمين منه يتحكمون فيه كيف شاءوا، كما كان في زكريا ويحيى $.

  النوع الثاني: ما يرجع إلى النسب، فلا يجوز من الله أن يبعث نبياً من أراذل المبعوث إليهم؛ لأن ذلك ينفر ذوي الشرف من القبول؛ ولهذا قيل: إن الله ما بعث نبياً إلا من أشرف بيت في قومه، فأما لقمان # فقد قيل: إنه لم يكن نبياً، وإنما كان عبداً صالحاً.

  النوع الثالث: ما يعود إلى الفعل، وهو أقسام:

  أحدها: الفظاظة والغلظة فلا يجوز بعثة الموصوف بهما، وقد نبه الله على ذلك بقوله: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}⁣[آل عمران: ١٥٩].

  ثانيها: الأخلاق المسترذلة نحو كثرة الضحك والمزاح، وكثرة النهم في الأكل والشرب، وما أشبه ذلك.

  ثالثها: الأفعال المستقبحة عقلاً وشرعاً، فلا بد من عصمتهم منها؛