مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين 36}

صفحة 3003 - الجزء 5

  والوجه في ذلك كالوجه في سائر المنفرات، وهو أن الغرض بالرسالة هو القبول وحصول الامتثال، وذلك لا يتم إلا بانتفاء هذه المنفرات، فلو بعث نبي غير معصوم منها لانتقض الغرض المقصود من بعثته؛ وهذا القسم الثالث قد اختلف فيه.

  واعلم أن المعاضي كبائر وصغائر، والكبائر كفر وغيره، فأما الكفر فلا خلاف بين الأمة أنهم معصومون منه قبل النبوة وبعدها، غير أن الأزارقة من الخوارج جوزوا عليهم الذنب وكل ذنب عندهم كفر، فلزمهم تجويز الكفر عليهم، ونسب الرازي هذا القول إلى الفضلية وهم من الخوارج، وفي (شرح المواقف) عن الأزارقة أنهم يقولون بجواز بعثة نبي علم الله تعالى أنه يكفر بعد نبوته.

  وقالت الإمامية: يجوز عليهم إظهار الكفر تقية.

  والجواب: أن ذلك يؤدي إلى إخفاء الدعوة بالكلية، وترك تبليغ الرسالة؛ إذ أعظم حاجة إلى التقية عند ابتداء البعثة، لقلة المعين والمجيب وكثرة المخالف، ثم إن ما ذكروه منقوض بفعل الأنبياء $، فإن المعلوم من حالهم الجد في التبليغ والصدع بالحق، مع كثرة الأعداء وقوة شوكتهم، وضعف الأنبياء $، حتى أججت النيران، ورموا بالأحجار، وتحزبت عليهم القبائل فلم يلجأ أحد منهم إلى التقية؛ إذ لو كان لنقل، كما نقل دعاؤهم وما نالهم، بل صبروا على الإلقاء في النار، ومفارقة الأوطان.

  وأما سائر الكبائر فقال جمهور الأشعرية: لا يمتنع صدورها منهم