مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين 36}

صفحة 3014 - الجزء 5

  من خيبر بإقرار رسول الله ÷ واحتج عليه عمر بقوله ÷: «كيف بك إذا أخرجت من بلادك؟» فقال اليهودي: كانت هزيلة من أبي القاسم - قال له عمر: كذبت يا عدو الله. أخرجه البخاري، وإنما كذبه لنسبته ÷ إلى ما لا يليق به من الهزل، وللإشارة إلى أنه لو كان مزحاً فهو لا يمزح إلا بحق.

  وللخصم شبه⁣(⁣١) يتعلق بها من القرآن الكريم، وهي مؤولة، ومنها: ما حكاه الله تعالى عن إبراهيم # حيث اعتذر إلى قومه من الخروج معهم إلى عيدهم فقال: {إِنِّي سَقِيمٌ ٨٩}⁣[الصافات] فقالوا: لم يكن سقيماً وإنما أراد مكيدتهم في الأصنام.

  والجواب: أن جميع الشبه التي يتمسكون بها لا سبيل إلى القطع بكذب ما تضمنته من الأخبار، وليس كل خبر يعلم قصد المخبر به ضرورة، وإنما يعلم ذلك بقرائن الأحوال عند المشاهدة، أو تواتر المنتهي إلى المشاهدة، والمعرفة بالقصد ضرورة؛ لأن كل خبر يحتمل التقييد بالنية، والتقييد يخرج الكلام عن ظاهره فلا يقطع به.

  إذا عرفت هذا فنقول: قوله: {إِنِّي سَقِيمٌ ٨٩}⁣[الصافات] يحتمل أنه كان معه سقم باطن، ويحتمل أنه أراد سقيم الاعتقاد فيهم، ومع الاحتمال يبطل الاحتجاج. والله أعلم.


(١) أي لابن أبي الحقيق. تمت مؤلف.