مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الأولى [عصمة الأنبياء]

صفحة 3013 - الجزء 5

  لم يكن بين خبره وخبر غيره فرق ولاختلط الحق بالباطل وفي حديث عبد الله بن عمرو: قلت: يا رسول الله، أأكتب كلما أسمع منك؟ قال: «نعم» قلت: في الرضا والغضب؟ قال: «نعم، فإني لا أقول في ذلك كله إلا حقاً». أخرجه أحمد، وأبو داود، والحاكم وصححه.

  واعلم أنه قد يتمسك بعض الطاعنين في الدين بآيات وهي مؤولة، وستأتي في مواضعها إن شاء الله مع أنه لا عبرة بطعنهم مع إجماع الأمة على خلافه، وقضاء المعجز وأدلة العصمة ومحكم الكتاب والسنة بخلافه.

  تنبيه: وأما عصمتهم $ من الكذب فيما لا يتعلق بالتبليغ كأخبار النبي عن حال نفسه أو حال غيره فقد اختلف في ذلك، فقال أصحابنا: لا يجوز عليهم الكذب في شيء من ذلك، وبه قال القاضي عياض، وقال: إنه يجب اعتقاد عصمته من ذلك، والخلاف في ذلك للحشوية.

  قلنا: لو جوزنا عليه الكذب في شيء من أخباره لجوزناه عليه فيما يؤديه عن الله فلا نثق به فيبطل الغرض ببعثته. واحتج القاضي عياض على منع ذلك بإجماع السلف، وقال: إنا نعلم من دين الصحابة مبادرتهم إلى تصديقه ÷ في جميع أحواله، على أي باب كانت أخباره، بلا تردد، ولا توقف، ولا سؤال هل وقع فيها سهوا أو لا، ولما احتج ابن أبي الحقيق اليهودي على عمر حين أخلاهم