مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثانية في التوبة

صفحة 3075 - الجزء 5

  وبشر بن المعتمر من البغدادية: بل يعود وجوباً، وهو ظاهر كلام الناصر⁣(⁣١).

  احتج الأولون بوجوه:

  أحدها: أن الثواب قد يسقط في مقابلة ما يوازنه من عقاب المعصية، والتوبة إنما أسقطت الزائد، فأما ما يقابل الثواب فقد أسقطه الثواب⁣(⁣٢)، فلا يحتاج إلى مسقط، فلا يتصور عود الثواب بالتوبة؛ إذ ليس لها فيما يقابله تأثير.

  الثاني: أنها تسقط العقاب المستحق بالمعصية فقط، فلا مقتضي لإيجابها إعادة ما قد بطل استحقاقه من الثواب كالاعتذار، فإنه يسقط استحقاق الذم، ولا يوجب عود استحقاق المدح.

  الثالث: أنه لو عاد لكان التائب أحسن حالاً ممن لم يعص من حيث أن له مثل ثواب الذي لم يعص، وثواب التوبة أيضاً.

  الرابع: أنه يلزم أن يكون سبب استحقاق عوده التوبة لا الطاعة المتقدمة؛ لأنه قد سقط حتى حصلت، ولو صح ذلك لزم أن يستحقه من لم يكن قد أطاع إذا تاب، فينتفي الفرق بين تقدم الطاعة وعدمه، والإجماع منعقد على أنه لا يستحقه من لم يكن قد أطاع.

  احتج الآخرون بأن انحباطه بعقاب تلك الكبيرة عقاب، وقد سقط عنه كل عقاب بالتوبة، فيسقط الانحباط، ويلزم منه عود الثواب،


(١) فإنه قال في تفسير قوله تعالى: {فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ}: أعلمنا الله أن العبد إذا تاب رد الله عليه ما بطل من عمله وجعل بدل سيئاته حسنات. تمت مؤلف.

(٢) يحقق من المنهاج. تمت مؤلف.