مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم 37}

صفحة 3079 - الجزء 5

  والتفصيل للإمام المهدي وابن الملاحمي، وهذا التفصيل مبني على أن ثواب الطاعة يتجدد بتزايد الأوقات، وقد اعترضه السيد أحمد بن محمد الشرفي فقال: ما دليلكم على أن ثواب الطاعة إنما حصلت كثرته بتزايد الأوقات، وأنه لم يعده الله كثيراً من غير مرور الأزمان؛ لأن الله سبحانه لم يخبرنا بذلك، بل أخبرنا أنه أعده كثيراً دائماً غير منقطع.

  واعلم أن العلماء كما اختلفوا في عود الثواب الذي أسقطته المعصية، فكذلك اختلفوا في العقاب الساقط بالتوبة هل يعود بمعصيته عقيب التوبة؟ فقال الجمهور: لا يعود، ووافقهم أبو القاسم، وقال بشر بن المعتمر: بل يعود.

  احتج الجمهور بما مر من أن سقوط عقاب المعصية بالتوبة نفسها، فيصير بالتوبة كالمعدوم، والمعصية كأنها لم تكن.

  وتحقيق هذه الحجة أن العقاب قد سقط بالتوبة، وصارت نسبته إليه وإلى غيره على سواء، وفعل المعصية ثانياً متجدد بعد التوبة فلا يستحق العقاب إلا عليه، فلو عاد عقاب الأولى لما كان سبب استحقاقه إلا المعصية الأخيرة، فيلزم أن يستحق العقابين كليهما من فعل تلك المعصية.

  واحتج أبو القاسم بأن سقوط العقاب بالتوبة تفضل وليست التوبة بمانعة من استحقاقه، فإذا تفضل عليه بإسقاطه عند التوبة فلا وجه لعوده إذا عاود الذنب.