مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم 37}

صفحة 3080 - الجزء 5

  وأما بشر فقال الإمام المهدي: لا يعرف له حجة إلا أني أظن أنه ممن يقول: إن التوبة إنما تسقط العقاب الثوابها لا بنفسها، وإذا كان كذلك لزم ما قاله؛ لأن استحقاق ثواب التوبة مانع من استحقاق عقاب المعصية حينئذ، فإذا زال استحقاق ثواب التوبة بمعاودة المعصية فقد زال المانع من تجدد استحقاق العقاب بالمعصية الأولى التي تمانع عقابها وثواب التوبة، فلما زال المانع تجدد استحقاق العقاب كما قلناه في عود الثواب.

  قال #: وهذا في الحقيقة ليس بحجة؛ لأنا لا نسلمه، وإنما بناه على قاعدة له⁣(⁣١)، وقد أبطلناها فيبطل ما تفرع عليها.

  فإن قيل: قد مر عن الإمام المهدي وغيره أن التائب يتجدد له الثواب في المستقبل فهلا قلتم بتجدد عقاب المعصية الأولى في المستقبل إن رجع إلى العصيان بعد التوبة، وما الفرق بينهما؟

  قيل: الفرق بينهما قد عرف من ما مر، وهو أن الطاعات المتقدمة باقية بنفسها؛ لأن سقوط ثوابها في الزمن الماضي إنما هو بالموازنة بينه وبين عقاب المعصية، وذلك لا يصيرها كالمعدومة؛ إذ الموازنة بين الثواب والعقاب فقط لا بين الطاعة والمعصية، فالطاعة غير ساقطة، بل إنما منع من استحقاق ثوابها مانع وقد زال بخلاف سقوط المعصية بالتوبة فليس بالموازنة، بل بالتوبة صارت المعصية كالمعدومة لما مر من أنها تجبها جباً، فبطلت تلك المعصية في الحال المقارن للتوبة، وفيما بعد التوبة من الزمان.


(١) وهي كون التوبة تسقط العقاب بثوابها لا بنفسها. تمت مؤلف.