تفسير قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم 37}
  قيل: ومن أين لكم أن أخذها من ذلك وصحة الوصف بها يقتضي أن تكون مؤثرة في إسقاط العقاب، على أن التوبة قد صارت منقولة عن المعنى اللغوي إلى معنى شرعي هو الندم على فعل القبيح، والإخلال بالواجب، مع العزم، ودليل ذلك أنه إذا قيل: تاب فلان لم يتبادر إلى هذا المعنى آخر، ولم يتبادر المعنى اللغوي، فهي في الشرع رجوع مخصوص.
  إذا عرفت هذا فنقول: لا نسلم أن النادم من بعض الذنوب دون بعض يوصف بأنه تائب في عرف الشرع، وإن وصف به لغة، على أن أهل اللغة لا يظن بهم أنهم يصفون من تاب من الزنا ببعض محارمه دون بعض أنه تائب حقيقة، وأيضاً لو وصفوه بذلك فلا يجب أن تكون توبته صحيحة؛ لأن علمهم بذلك إن كان ضرورياً وجب أن نشاركهم فيه، وإن كان استدلالياً فما ذلك الدليل.
  الرابع: أنه لا شك في أن العاصي مأمور بالتوبة من جميع المعاصي ومن بعضها، فإذا صحت التوبة عن الجميع صحت عن البعض.
  والجواب: أنه مأمور بالتوبة لقبح المعاصي، فإذا أصر على بعضها كشف لنا عن أنه لم يتركها لأجل القبح، فلا تصح.
  فهذا خلاصة كلام المتكلمين في هذا الموضوع، وبقي فيه تفصيل للعلامة المحقق الطوسي، ذكره في (التجريد)(١) ولنذكر كلامه ملخصاً، فنقول: قال: التحقيق أن ترجيح الداعي إلى الندم عن البعض يبعث
(١) هو كتاب في علم الكلام للطوسي وأظنه من عدلية الإمامية. تمت مؤلف.