تفسير قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم 37}
  احتج أبو القاسم ومن وافقه بوجوه: منها ما مر عن أبي علي، فإنه وصالح للاحتجاج به لهؤلاء، ووجوه أخر:
  أحدها: أن التوبة بمنزلة أن يخرج نفسه عن كونها فاعلة للمعصية، فكما أنه لو قدر على إخراج نفسه عن أن تصير فاعلة لما قد فعلت من بعض القبائح، ولا يستحق العقاب عليه إذا أخرجها عنه، كذلك إذا تاب من بعضها.
  والجواب: أنه قياس بغير جامع، بل الفرق بينهما جلي، وهو أن التوبة كالبدل عن استحقاق العقاب، والذي أخرج نفسه عن المعصية لم يخرجها إلى بدل، بل هو كمن لم يفعل المعصية أصلاً، ولا يصح قياس ما هو كالبدل على ما ليس كذلكه ذكر معنى هذا الموفق بالله.
  الثاني: أنه إذا تاب من كل معصية إلا من صغيرة واحدة فإن ثواب توبته أعظم من عقاب هذه الصغيرة، فلا بد من أن يزول عقابه المستحق على جميع ما قد فعله، صغيرة وكبيرة.
  والجواب: أنه لا يستحق على التوبة ثواباً؛ لأنه لم يأت بها على وجهها، فعقابه مستقر كما كان.
  الثالث: أن التوبة مأخوذة من تاب، إذا رجع، فإذا رجع عن بعض القبائح فقد استحق اسم التوبة، فيكون تائباً حقيقة.
  والجواب: أن أخذها من ذلك لا يوجب صحة هذه التوبة.
  فإن قيل: بل يوجبه الاقتضاء صحة وصفه بأنه تائب.