المسألة الثانية في التوبة
  فإنه يستحق العقاب عليه قبل وجوده، واعترضه بأن العقاب إنما يستحق على القبيح لقبحه(١)، وكونه قبيحاً وهو معدوم محال؛ لأن قبحه عبارة عن وقوعه على وجه، وذلك متعذر حال العدم.
  فإن قيل: واجب الوجود لا محالة.
  قيل: وكذلك المباشر عند القصد والداعي وعدم المانع يجب وجوده ولا يستحق عليه عقاباً ما لم يوجد، وأيضاً لو استحق العقاب على المتولد قبل وجوده للزم إذا قدرنا طروء ما يمنع وجوده أن يستحق العقاب عليه؛ لأن عدم وجوده لا يخرج ما قد ثبت من استحقاق العقاب عن التوبة.
  فإن قيل: إنه لا يحسن أمره ونهيه(٢) فهو كالموجود.
  قيل: انه لمن يحصل قبيحاً، والعقاب لا يستحق الا علي القبيح.
  فإن قيل: لو لم يستحق عليه عقاباً لما لزمته التوبة.
  قيل: ملتزم فلا تلزمه؛ إذ لا يستحق عليه عقاباً، وإذا ندم قبل وجوده فندمه يكون على سببه لقبحه، ولأنه يولد قبيحاً.
  فإن قيل: لم قلتم: إنه يتوب عنه لقبحه ولتوليده قبيحاً، والتوبة عندكم لا تتناول وجه القبح(٣) وإنما تتناول القبيح.
(١) بدليل أن من علم قبحه علم استحقاق العقاب عليه ومن لا فلا. تمت مؤلف.
(٢) يعني أن أمره ونهيه عن المتولد يكون قبيحاً ولا وجه لقبحه إلا كونه موجودا فيكون الأمر به أمرا بتحصيل الحاصل تمت مؤلف.
(٣) وهو هنا كونه يولد قبيحات مؤلف.