تفسير قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم 37}
  قيل: إنما أجزناها هنا لأنها منع عن استحقاق العقاب، وإذا كانت كذلك جاز تناولها لوجه القبح، فأما إذا تناولته والفعل موجود فلا؛ لأنها إسقاط، فيجب أن تتعلق بما له تأثير في العقاب وهو القبح دون وجهه؛ إذ لا تأثير له.
  فإن قيل: إذا ندم على السبب الآن أسقط عقابه(١)، فلم لا يجوز أن يسقطه بعد وجوده؟
  قيل: لأنه لا تعلق بينهما بعد وجوده؛ إذ قد انقطع توليده عنه، وليس كذلك قبل وجوده؛ لأنه يولده فبينهما تعلق.
  فإن قيل: هذا يؤدي إلى أن يفعل سبباً فيموت وهو من أهل الثواب، فإذا وجد المسبب صار من أهل النار، وهذا خلاف الإجماع، فإنهم أجمعوا على أن الاستحقاق يستقر بالموت.
  قيل: ليس كذلك وهل الخلاف إلا فيه، فكيف هذا الإجماع المخالف للدليل الجازم.
  الموضع العاشر: في الصغائر إذا كثرت هل يجوز مصيرها كبيرة؟
  وقد اختلف في ذلك، فقال أبو هاشم والإمام المهدي: من كثرت صغائره حتى لزمته تبعة، كوجوب الرد ولزوم الحد، وذلك كمن يسرق قليلاً قليلاً، حتى يبلغ نصاب السرقة جاز أن يصير مجموع تلك الصغائر كبيرة لا كل فرد منها، فلم يقل به أحد، فإن لم تلحقه تبعة كالكذب مراراً فالأخير هو الذي يصير كبيرة فقط.
(١) أي عقاب الفعل. تمت مؤلف.