المسألة الثالثة: التواب من صفات الفعل
  على ما تقتضيه قواعد المتكلمين، وسنأتي فيما بعد إن شاء الله من الأحاديث النبوية، والآثار العلوية، بما يسر الناظر، ويهدي المناظر، ويستبين به المعتدل من المائل، والحق من الباطل؛ واللبيب العاقل لا يعزب عنه توزيع تلك الأخبارعلى هذه المواضع، وما تدل عليه من أقوال المختلفين، فليكن هذا على ذكر منك عند وقوفك على ما سنذكره من السنة النبوية الترد كل شيء إلى أصله، وتضع الاستدلال به في محله. والله الموفق.
المسألة الثالثة: التواب من صفات الفعل
  وقد اختلف في معنى وصفه تعالى بصفة المبالغة، فقال زيد بن علي: التواب المعين للعباد على التوبة، والتواب من العباد: الراجع عن ذنب التارك له، والنادم على ما تاب منه، وكلامه # يفيد أن المبالغة غير مقصودة فيه.
  وقال الرازي: المراد المبالغة في قبول التوبة؛ لأن المكلف قد تكرر منه المعصية والتوبة، فيقبل الله منه ذلك مرة بعد أخرى؛ لأن الذين يتوبون في عددهم كثرة، والباري تعالى يقبل توبة الجميع؛ فلأجل هذين الأمرين استحق الوصف بأنه تواب، ويجوز أن يوصف بذلك لما في قبوله للتوبة من المبالغة، من حيث أن التائب منزلة من لم يذنب لسعة كرمه، ذكر معناه في (المصابيح).
  قال في (البلغة): واقتضى ذكر الرحمة هنا ذكر قبول التوبة؛ ليعلم أنه ينعم على من تاب.