مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون 38}

صفحة 3131 - الجزء 5

  قوله تعالى: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ٣٨}.

  قال أبو حيان: بمعنى تبع الحق، وبمعنى تلا، وبمعنى اقتدى، وقال الراغب ما معناه: يقال: تبعه واتبعه قفى أثره، وذلك تارة بالارتسام والائتمار، كقوله: {فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ} ونحوها، مما أمر الله به من الاتباع أو نهى عنه⁣(⁣١)، ويقال: أتبعه إذا لحقه، قال: {فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ ٦٠}⁣[الشعراء] ويقال: أتبعته عليه أي أحلت عليه، وأتبع فلان بمال أي أحيل عليه.

  والخوف: الفزع، ويكون كالأمر المستقبل، ولذلك قيل: الخوف يلحق المرء لأمر متوقع عن أمارة مظنونة أو معلومة.

  والحزن شدة الهم، مأخوذ من الْحَزَنِ وهو ما غَلُظَ في الأرض.

  وقال الراغب: الحزن والحُزن: خشونة في الأرض، وخشونة في النفس، بما هو يحصل فيه من الغم، ويضاده الفرح. قيل: والحزن لا يحصل بالاختيار، والنهي عنه في نحو: {وَلَا تَحْزَنُوا} إنما هو تعاطي أسبابه؛ وإلى ذلك أشار الشاعر بقوله:

  ومن سره أن لا يرى ما يسوؤه ... فلا يتخذ شيئاً يبالي له فقدا


(١) نحو: {وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} تمت مؤلف.