مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون 40}

صفحة 3145 - الجزء 5

  

  الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على محمد وآله الطاهرين، رب زدني علماً، ويسر أمري، واشرح صدري، وأعني وانفعني، وانفع بي، يا قوي يا متين.

  قوله تعالى: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ٤٠}⁣[البقرة]. اتفق المفسرون على أن إسرائيل وهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم #، واختلفوا في معنى إسرائيل، فقيل: عبد الله، وقيل: صفوة الله، وقيل: غير ذلك.

  والذكر بكسر الذال وضمها بمعنى واحد، وقيل: بكسرها ضده الصمت، وبالضم ضده النسيان والذكر ذكران: ذكر باللسان، وذكر بالقلب.

  قال أبو حيان: والذكر هنا يحتمل الأمرين، فعلى الأول يكون المعنى: أمروا النعم على ألسنتكم، فإن ذلك سبب في أن لا تنسى، وعلى الثاني يكون المعنى: تنبهوا للنعم ولا تغفلوا عن شكرها. وفي النعمة المأمور بذكرها أقوال: منها أنها ما أنعم به على آبائهم من النعم التي سيجيء تعدادها⁣(⁣١) وتفصيلها، وعليهم من فنون النعم التي أجلها إدراك أصل محمد ÷ ومنها: أنها ما أنعم الله به علي آبائهم، من اصطفائه الرسل منهم، وإنزاله الكتب عليهم، واستنقاذهم مما كانوا فيه من البلاء، إلى غير ذلك من النعم المتكاثرة على سلفهم. وفي (المصابيح) عن المرتضى نحوه، وهو اختيار ابن جرير، وأبي حيان. وإنما أمر


(١) من الإنجاء من فرعون، والعفو عن إتخاذ العجل، وغير ذلك. تمت. مؤلف.