مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون 40}

صفحة 3146 - الجزء 5

  الأعقاب بذكر صنيعه إلى سلفهم لئلا ينسوه فيحل بهم من النقم ما أحل بمن نسي نعمه.

  قال أبو حيان: وهذه النعم وإن كانت على آبائهم فهي أيضاً نعم عليهم؛ لأنه حصل بها النسل، ولأنَّ الانتساب إلى آباء شرفوا بنعم تعظيم للأولاد. وأما حد النعمة وما يتعلق بها فقد سبق في الفاتحة.

  ومعنى {أَوْفُوا}: أتموا، يقال: وفي الشيء إذا أتم. والعهد قد تقدم الكلام عليه في قوله تعالى: {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ}⁣[البقرة ٢٧]. واختلف في معنى العهدين المذكورين هنا، فأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي}: يقول: ما أمرتكم به من طاعتي، ونهيتكم عنه من معصيتي في النبي ÷ وغيره. {أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} يقول: أرض عنكم وأدخلكم الجنة. واختاره الزمخشري فإنه قال: أوفوا بما عاهدتموني عليه من الإيمان بي، والطاعة لي أوف بما عاهدتكم عليه من حسن الثواب على إحسانكم. وقيل: هو ما أخذه الله على بني إسرائيل في التوراة من أن يبينوا للناس أمر محمد ÷ أنه رسول، وأنهم يجدونه مكتوباً عندهم، وأنه يجب الإيمان به وبما جاء به، ومعنى {أُوفِ بِعَهْدِكُمْ}: إنكم إذا فعلتم ذلك أدخلتكم الجنة. وهذا قول ابن جرير وغيره. وقد روي في معناه أقوال كثيرة هي في التحقيق راجعة إلى هذين القولين.

  وحكى الرازي عن المعتزلة أنهم قالوا: العهد هنا هو ما دل عليه العقل من أنه يجب على الله تعالى إيصال الثواب إلى المطيع؛