المسألة الخامسة [الوعيد للعصاة]
  من جملة ما يقضي به الله بزعمكم، فإن قضى بحصره على الخوف من الله وقع كما قلتم، وإلا فلا سبيل للعبد إلى حصره وقصره.
  قوله: إذ لو كان العبد مستقلاً ... إلخ.
  قلنا: ملتزم. فإنه يجب حصول الخوف من العباد فيما يدخل تحت مقدورهم سواء خافوه بحق أو باطل، وذلك معلوم الوقوع؛ لكن الخوف المأمور به في الآية ليس داخلاً تحت مقدور العباد؛ لأنه إما النقمات النازلة ببني إسرائيل، أو عقاب الآخرة، وكل ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله: فلذلك حسن الحصر.
  قوله فإنه يجب أن يخاف منه كما يخاف من الله.
  قلنا: إن أردت أنه يجب حصول الخوف من العبد كما يجب حصول الخوف من الله، وإن تفاوت الخوفان فملتزم إن كان على الوجه الذي ذكرناه، وإن أردت استواء الخوفين في العظم والرتبة فغير مسلم، ولا وجه لهذه الدعوى، فإن تفاوت درجات الخوف باعتبار عظم قدرة المخوف منه وضعفها أمر معلوم بالضرورة.
  قوله: بل كان يجب أن لا يرهب إلا نفسه ... إلخ.
  قلنا: ليس المتوعد به أسباب الثواب والعقاب، التي هي راجعة إلى اختيار العبد، بل المتوعد به عقاب الله الذي لا يقدر عليه غيره، فأما خوف العبد من نفسه أن ترديه وتلقيه في أسباب الهلاك فنحن لا ننكره، وقد أمر الله بمخالفة النفس، وحذرنا من اتباع تسويلها، والانقياد لشهواتها، وهذا يدل على أنها من جملة أعدائنا الذين يجب