مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثالثة [أخذ الأجرة على القرآن]

صفحة 3203 - الجزء 5

  قال ابن حزم: وصح عن عبد الله بن مغفل⁣(⁣١) أنه أعطاه الأمير مالاً لقيامه بالناس في رمضان، فأبى وقال: إنا لا نأخذ للقرآن أجراً، ومن طريق شعبة وسفيان كلاهما عن أبي إسحاق الشيباني، عن ابن سيرين، قال شعبة في روايته: إن عمار بن ياسر أعطى قوماً قرءوا القرآن في رمضان، فبلغ ذلك عمر فكرهه.

  وقال سفيان في روايته: إنه سعد بن أبي وقاص قال: من قرأ القرآن ألحقته على الفين، فقال عمر: أو يعطي على كتاب الله ثمناً، روى هذين الأثرين ابن حزم؛ وقد مر عن عبد الله بن يزيد، وشريح وغيرهما أنهم قالوا: لا نأخذ لكتاب الله ثمناً، ومر أيضاً رواية عبد الله بن شقيق أن الصحابة كانوا يكرهون بيع المصاحف، وتعليمه الغلمان بالأرش.

  فهؤلاء القائلون بتحريم أخذ الأجرة على تعليم القرآن، وخالفهم القاسم بن إبراهيم، والناصر، والشافعي، ومالك، وأبو قلابة، وأبو ثور، وابن المنذر، فقالوا: يجوز الاستئجار على تعليم القرآن. واختاره ابن حزم، ونسبه بعض العلماء إلى الجمهور.

  وقال الحسن، وابن سيرين، وطاووس، والشعبي، والنخعي: يكره ذلك مع الشرط.

  احتج الأولون بالآية؛ لأن أخذ الأجرة على تعليمه من الاستبدال بآيات الله، المنهي عنه بقوله: {وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا}⁣[البقرة: ٤١]


(١) بالغين المعجمة والفاء صحابي. تمت. مؤلف.