مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الرابعة [أخذ الأجرة على تعليم العلم]

صفحة 3243 - الجزء 5

  قلت: لأن مذهب أبي عباس أنه يجوز استئجار سائر الكتب سوى المصاحف للقراءة فيها، ومنع من إجارة المصحف.

  وروى هذا عنه القاضي زيد، وهو المصحح للمذهب - أعني أنه يجوز التأجير في الكتب دون المصاحف -.

  وقال المنصور بالله وأبو مضر: لا يجوز في الجميع.

  واعلم أنه قد تقدم في المسألة التي قبل هذه وفي التي قبلها ذكر الخلاف في المسألة - أعني مسألة أخذ الأجرة على تعليم العلم، وكتابته بالأجرة، وتأجير كتبه.

  وممن نص على جواز أخذ الأجرة على تعليم العلم وكتابته بالأجرة: ابن حزم.

  وقال في (شرح الإبانة): ويجوز للرجل أن يستأجر كتاباً فيه كلام أو فقه، أو لغة، أو شعر ليقرأ فيه عند أصحابنا والشافعي، خلاف أبي حنيفة.

  والحجة على منع أخذ الأجرة على تعليم العلوم الدينية الآية، كما قدمنا، وكل ما تقدم من الأدلة على تحريم الأجرة على تعليم القرآن، يدل على ذلك؛ لأن القرآن هو العلم الحقيقي، ومنه تؤخذ سائر العلوم الدينية التي يجب تبليغها وتعليمها، ولهذا جاء في الحديث في وصفه (وحكم ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل) وجاء فيه أنه لا تشبع منه العلماء، وأنه يدل على خير سبيل، وأنه الدليل على المعرفة، وكل هذا قد تضمنته أحاديث قد تقدمت.