مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون 41}

صفحة 3326 - الجزء 5

  واعلم أنه قد ذكر في (البيان) و (الأزهار) و (شرحه) ما به تحصيل الجمع بين الأدلة، ولعله المراد للمذهب، وحمل عليه قولي المؤيد بالله، وهو أنه إن ظن الآخذ صدق كلام الدافع في قوله: إن الدفع ليس لأجل الواجب أو المحظور حل له الأخذ، وملكه، وإن ظن كذبه لم يحل، وإن التبس عليه عمل بما قاله عند الدفع لأنه لا طريق له إلى ما في ضميره إلا كلامه؛ فهذا التفصيل كما ترى يمكن تنزيل الأدلة السابقة عليه؛ إذ مستنده في التحقيق والرجوع إلى ما يظهر من قرائن الأحوال، ولا شك أنها أمارات تفيد الظن، وقد مر أن الظاهر فيمن لم معتاداً للهدية قبل القضاء ونحوه أن هديته لا تكون إلا لغرض فاسد، ولا يخفى أن كلام أمير المؤمنين لعثمان بن حنيف يقتضي تحريم الأخذ عند اللبس، وكذلك ما ورد من النهي عن الشبهات، والحث على الوقوف عندها. وقول الأصحاب: لا طريق إلى ما في ضميره إلا كلامه - مسلم. لنا:

  نقول: ذلك مشروط بإضمار الظن بصدقه، وإلزام قبول كلامه، ولو ظن كذبه، والملتبس لم يحصل له ظن بصدقه فلا يجوز قبول كلامه: لعدم حصول شرطه. نعم أهل المذهب بنوا كلامهم في الملتبس على أنه يجب قبول خبر العدل، ولو لم يظن صدقه ما لم يغلب في الظن كذبه؛ القيام الدليل على وجوب العمل بخبر الواحد العدل مطلقاً⁣(⁣١)، وكلام الوصي وما في معناه يدفعه في هذه الصورة، ويعضده قوله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}⁣[الإسراء: ٣٦] ونحوه.


(١) سواءً ظن صدقه أم لا. تمت. مؤلف.