مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون 41}

صفحة 3325 - الجزء 5

  الوجه الرابع: أن يكون العوض على الواجب أو المحظور شرطاً، ثم لما كان عند الدفع فسخا⁣(⁣١) العقد، وقالا عند تسليمه أو بعده: إنه لا في مقابلة ذلك⁣(⁣٢)، بل لله أو عن زكاته أو نحو ذلك، فقال أهل المذهب: أن رواية يطيب الأخذ، عملاً بالظاهر، إذ لسنا مكلفين بغيره، وحكاه أبو مضر عن المؤيد بالله، وحكى عنه قولاً آخره وهو أنه لا تطيب له، ولعل أن الغالب فيما يعطاه ذو الولايات ونحوهم عدم قصد القربة ونحوها، وأنهم إنما يعطون لأجل الولايات، وللتوصل إلى الواجب أو المحظور، ولهذا حرم عمر الهدايا على عماله.

  قلنا: لسنا مخاطبين إلا بالظاهر، وفعل عمر ليس بحجة، وقد روي في شرح نهج البلاغة أنه قال في نهيه لعماله عن قبولها: وليست بحرام، وقد قبلها النبي ÷ وأمير المؤمنين، وأئمة الهدى من بعده، ولم يردوا إلا ما ظهر لهم أنه لأجل الولاية، أو لغرض فاسد، وقد تقدم ذكر ذلك، وفي أمر النبي ÷ للمسلمين عموماً أن يتهادوا لأجل يحصل بينهم التحاب الذي هو شرط الإيمان ما يدل على أنه ينبغي فعل ذلك وقبوله، ما لم يظهر الوجه المقتضي للمنع، بل تقدم أن من حق المؤمن قبول هديته، ومن حقوقه أيضاً إتحافه بما عنده، وقد مر في كلام علي # لعثمان بن حنيف ما يدل على أنه يعتبر بما ظهر له وهو قوله: (فانظر إلى ما تقضمه ...) إلى آخره⁣(⁣٣).


(١) المراد من الفسخ ربما ألا يلاحظ العقد بأن لا يكون العطاء لأجله، تمت مؤلف.

(٢) أي: الواجب أو المحظور، تمت مؤلف.

(٣) تقدم في النوع الثاني. تمت. مؤلف.