المسألة الخامسة [دلالة الآية على أخذ العوض على الفتيا والقضاء]
  قال في (شرح الإبانة): لا خلاف بين العلماء أنه يجوز للقاضي أن يأخذ الجعل والرزق من الإمام من بيت المال، وكذلك الكاتب والقاسم، وصاحب الديوان، وصاحب بيت المال وخازنه، ولو عملوا محتسبين للأجر، فذلك أفضل لهم.
  قال: وقال قوم: يكره رزق القاضي.
  وقال الهادي #: لا بد للقاضي من العطاء والتوسعة، وإلا هلك وعياله، واشتغل عن القضاء قلبه.
  وقال الأمير الحسين: [دل ذلك على أنه لا يجوز أخذ الرزق على القضاء، ولأن القضاء لابد منه، والكفاية لابد منها، فجاز أن يأخذ عليه الرزق](١)، وروي عن ابن عمر أنه منع من أخذ الرزق على القضاء، وكرهه محمد بن منصور إلا أن يكون مضطراً حابساً لنفسه على الحكم بين المسلمين فيأخذ كفايته، وكفاية عوله وأعوانه، ويعتقد الأخذ لأجل الضرورة، لا على الحكم.
  وقال في البحر: من تعين عليه حرمت عليه الأجرة، حيث له كفاية، فإن لم تكن أو كان ذا حرفة يشغله القضاء عنها حلت له، دفعاً للضرر، فإن لم يتعين وله كفاية كره أخذ الأجرة إذ هو قربة، وتجوز، لفعل الصحابة مع أبي بكر وعمر، والقضاء كالخلافة، وفعل عمر مع عمار، وابن مسعود، وشريح. قال: وأجرته من مال المصالح؛ إذ القضاء من أهمها، ويعطى قيمة أوراق يحتاج إليها، وأجرة أعوانه.
(١) ما بين المعكوفين، نقلناه من شفاء الأوام ٣/ ٢٨٩؛ لأن المؤلف ¦ تركه فكأنه كان مبيضا ناويا تسويده.