تفسير قوله تعالى: {ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون 41}
  والمصحح للمذهب: أن أجرة القاضي تحل إذا كانت من مال المصالح، سواء كان غنياً أو فقيراً، وسواء تعين عليه أم لا.
  قال الفقيه يوسف: وإذا كان غنياً أعطي قدر كفاية السنة، كما فعل علي # الشريح.
  فهذا ما وقفنا عليه من الخلاف في كتب أصحابنا، وأما غيرهم فروى البخاري عن شريح أنه كان يأخذ على القضاء أجراً، وهذا وصله عبد الرزاق، وسعيد بن منصور.
  قال (القسطلاني): وإلى جواز أخذ القاضي الأجرة على الحكم ذهب الجمهور من أهل العلم من الصحابة وغيرهم؛ لأنه يشغله الحكم عن القيام بمصالحه، وكرهه طائفة كراهة تنزيه، منهم مسروق، ورخص فيه الشافعي وأكثر أهل العلم.
  وقال صاحب (الهداية) من الحنفية: وإذا كان القاضي فقيراً فالأفضل بل الواجب أخذ كفايته، وإن كان غنياً فالأفضل الامتناع عن أخذ الرزق من بيت المال، رفقاً ببيت المال.
  وقيل: الأخذ هو الأصح: صيانة للقضاء عن الهوان، ونظراً لمن يأتي بعده من المحتاجين، ويأخذ الكفاية له ولعياله، وعن أحمد: لا يعجبني(١)، وإن كان فبقدر عمله، مثل ولي اليتيم.
  والحجة للقائلين بالجواز: ما روي عن النبي ÷ لما بعث عتاب بن أسيد إلى مكة قاضياً رزقه كل سنة أربعين أوقية، وهي ألف وستمائة درهم. رواه في شرح الإبانة.
(١) يعني الأخذ. تمت. مؤلف.