مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثانية: [تحريم كتمان العلم]

صفحة 3384 - الجزء 6

  وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ١٧٤ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ١٧٥}⁣[البقرة ١٧٥ - ١٧٤] وقوله سبحانه: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ١٨٧}⁣[آل عمران ١٨٧] وهذه الآيات وإن وردت على أسباب خاصة نحو: كتم اليهود والنصارى صفة النبي ÷ فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. كما قرر ذلك علماء الأصول، ولأن ترتيب الحكم على الوصف المناسب يشعر بالعلية، وكتمان الدين يناسب استحقاق اللعن والذم وأليم العذاب، فوجب عموم الحكم عند عموم الوصف؛ وقد صرح جمع من الصحابة بالعموم، ومن ذلك استدلال عائشة بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ...}⁣[البقرة: ١٧٤] الآية، على أنه ÷ لم يكتم شيئًا مما أوحي إليه، وقال أبو هريرة: إنه لولا هذه الآية ونحوها لم أكثر من رواية الحديث.

  والكتم: ترك إظهار ما يحتاج إلى إظهاره.

  وقد جاءت السنة بتأكيد العموم، والزجر عن الكتمان، ففي أمالي المرشد بالله #: أخبرنا أبو بكر بن ريذة، قال: أخبرنا الطبراني، قال: حدثنا محمود بن محمد الواسطي، قال: حدثنا القاسم بن سعيد بن المسيب بن شريك، قال: حدثنا أبو مضر الأكفاني، قال: حدثنا سفيان، عن جابر، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله ÷: «من سئل عن علم فكتمه جاء يوم القيامة ملجمًا