المسألة الثانية [الصلاة والزكاة]
  بفروع الدين كالصلاة والصيام، ودينية، وهي ما يتعلق بأصوله كمؤمن وفاسق، وهذه القسمة على رأي المعتزلة، وظاهر حكاية السيد داود بن الهادي عن أئمتنا $ وغيرهم أنهم يخصون الشرعية بالفرعية، والدينية بما يتعلق بالأصول، ويجعلونها قسيمة للشرعية لا قسمًا منها. وهذه المسألة قد كثر فيها النزاع، وتحقيق الكلام فيها يكون في موضعين:
الأول: الخلاف في إمكانهما أعني الشرعية والدينية.
  الثاني: في الخلاف في وقوعهما.
  الموضع الأول: في الخلاف في إمكانهما ذهب إلى إمكان نقل الاسم من معناه اللغوي إلى معنى آخر شرعي فرعي أو ديني المعتزلة، ونص عليه الإمام القاسم بن محمد في الأساس، ولا خلاف فيه أعلمه إلا لمن يقول: إن بين اللفظ والمعنى مناسبة مانعة من نقله إلى غيره، وهو قول عباد بن سليمان، وأهل التكسير الذين ينفون الوضع، وحكى الإمام المهدي عن الرازي مثله، أعني أنه لا يجوز النقل إلى المعاني الشرعية.
  حجتنا: أن العقل يحكم بإمكانها وعدم استحالتها؛ لأنها إما بنقل لفظ من معنى إلى معنى آخر، أو ابتداء وضع، وكلاهما ممكن قطعًا، ولنا أيضًا أن دلالة اللفظ على المعنى إنما هي بحسب الوضع، وقد مر الاستدلال على كون الدلالة وضعية في قوله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ}[البقرة: ٣١] وإذا كانت كذلك فالوضع يجوز اختلافه وتغيره، ويتبعه في ذلك التغيير والاختلاف المعنى(١)، فيتغير بتغيره، كلفظ الدابة، إذ وضعه
(١) لفظ المعنى فاعل يتبعه. تمت. مؤلف.