مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين 43}

صفحة 3399 - الجزء 6

  والجواب: أنه لا يكون إلغازًا إلا لو لم يبين، ولا شك أن الله تعالى قد بين لنا على لسان رسوله ÷ ما أراد بلفظ الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والإيمان، والإسلام، وأورد لنا غاية الإيضاح أنه أراد بها غير معانيها المعهودة في اللغة، وذلك البيان بمنزلة إخباره أنه قد نقلها إلى خلاف معناها المعهود.

  قال الإمام المهدي: ولابد أن يكون ما نقلت إليه بعض ما نقلت عنه، لئلا يكون كخطاب العرب بالزنجية، وقصرها على بعض معانيها نقل من وضعها للكل إلى البعض، وهذا لا يمنع منه عقل ولا شرع.

  فإن قيل: قصرها على بعض ما وضعت له ليس بنقل.

  قيل: بل نقل ظاهر، ونظيره الحقيقة العرفية، فإن استعمال الدابة في ذوات الأربع وقصره عليها إخراج لها عن الدلالة على بعض ما كانت تدل عليه، وهذا الإخراج هو مرادنا بالنقل.

  قال السيد داود بن الهادي: النقل استعمال اللفظ في غير ما وضع له، ومن ذلك قصره على بعض ما يطلق عليه، وهذا واضح، فإن الإنسان إذا كان يسمى دابة ثم منعت من إجراء ذلك عليه فقد نقلت هذا الاسم عن دلالته على مسماه.

  وأما احتجاجه بالآيتين فليس بشيء؛ لأن خطاب الله تعالى لنا بهذه الألفاظ لا يخرجه عن كونه مخاطبًا لنا بالعربية؛ لأنها ألفاظ عربية وضعها العرب لمسمياتها الأصلية، وهم لا ينكرون نقل الأسماء العربية إلى مسميات غير معهودة من قبل، سواء كانت من أسماء الأجناس