مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين 43}

صفحة 3449 - الجزء 6

  والمستقيئ فروي من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله ÷: «من ذرعه القيء فلا قضاء عليه، ومن استقاء فعليه القضاء» أخرجه الخمسة، وقواه الدارقطني، وتكلم عليه جماعة منهم أبو داود، وقالوا: لا نراه محفوظًا، وأنكره أحمد.

  قلت: الحديث قد ثبت نحوه عن علي # في المجموع، قال فيه: حدثني زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي # قال: (إذا أذرع الصائم القيء لم ينقض صيامه، وإن استقاء أفطر وعليه القضاء).

  وأخرج البيهقي وابن أبي شيبة نحوه عن علي #، وروى ابن أبي شيبة عن ابن عمر أنه كان يقول: من ذرعه القيء وهو صائم فلا يفطر وإن تقيء أفطر.

  وأخرج نحوه عن الحسن وابن سيرين وعطاء وإبراهيم، والقاسم بن محمد، وسعيد بن جبير، والشعبي، وابن عياش⁣(⁣١)، وعلقمة ومجاهد، وما ثبت فلا يمكن رده، بل يعدل فيه إلى أحد أمرين، وهما القول بأنه يقر حيث ورد ولا يقاس عليه، وإما أن يحمل على من استقاء لعذر كمن أصابه مرض وكان علاجه بالقيء، فإنه يباح له الإفطار بالتقيء، وينفعه القضاء؛ إذ السبب هنا من جهة الله، وهو المرض⁣(⁣٢)، فإن تعمد التقيء بلا عذر ولا سبب فلا يقبل منه القضاء، ولا يصح منه، وإنما يكلف بالتوبة النصوح ويشهد لهذا كثير من الوجوه المتقدمة في دفع وجوب قضاء الصلاة، مع ما جاء في الصيام خاصة، وذلك فيما


(١) عياش بياء باثنتين من أسفل ثم شين معجمة. تمت. مؤلف.

(٢) فيكون كغيره ممن أبيح له الإفطار لسبب من جهة الله، تمت مؤلف.