مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين 43}

صفحة 3518 - الجزء 6

  وأخرجه البخاري وغيره، وقد صح أن النبي ÷ كان يصلي النافلة قاعدًا لما كبر وبدن.

  سلمنا أنه يباح له القعود وإن كان يقدر على القيام لكن مع مشقة زائدة فقد دلت الآثار عن النبي ÷ على أن من منعه الله عن العمل بمرض أو غيره يكتب له أجر عمله وهو صحيح، ومن تعسر عليه أمر بسبب من عند الله تعالى فهو في حكم من تعذر عليه ذلك في سقوطه عنه؛ لقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}⁣[البقرة: ١٨٥] ونحوها.

  قلت: ومن الأدلة الواضحة على أنه يكتب للمعذور الذي لم يمنعه من العمل إلا العذر مثل أجر العامل قوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ...}⁣[النساء: ٩٥] الآية، فإن الظاهر اسثناء المعذور من القاعد، والاستثناء من النفي إثبات، فوجب استواء المجاهد والقاعد المعذور في الفضل، إذا كان المعذور راغبًا في الجهاد لم يحبسه إلا العذر؛ ويؤيد ذلك ما روي في سبب نزول الآية وهو ما أخرجه ابن سعد، وعبد بن حميد، والبخاري، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري في المصاحف، والبغوي والبيهقي في سننه عن البراء بن عازب قال: لما نزلت {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}⁣[النساء: ٩٥] قال النبي ÷: «رادع فلانا» وفي لفظ: «ادع زيدًا» فجاء ومعه الدواة واللوح والكتف. فقال: «اكتب {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}⁣[النساء: ٩٥]» وخلف النبي ÷ ابن أم مكتوم