الباب الأول فيما يتعلق بالآيات
  بوصفه بقادر ونحوه لم يجز إطلاقه عليه وإن صح المعنى، واحتجوا بأنا وجدنا العالم له أسماء كثيرة منها: المتيقن، والفقيه، والمتبين ونحوها، ومعلوم أنه لا يجوز وصف الله تعالى بأنه متيقن ونحوه، فلو كان إفادة المعنى مصححة للإطلاق لجاز إطلاق هذه الألفاظ عليه تعالى؛ إذ المعنى حاصل في حقه تعالى، وكذلك فإنا نصفه تعالى بقديم ولا نصفه بعتيق مع إفادتهما التقدم في الوجود، وأيضاً فإنا نصفه بأنه حكيم مع أنه مشتق من حكمة اللجام اللتي تمنع الدابة مما تريد، وهو مستحيل عليه المنع.
  قالوا: فلما جاز إجراء ما يستحيل عليه معناه بالنظر إلى أصله وهو حكيم و لم يصح إجراء ما صح معناه فيه، وهو قولنا عتيق دل على أن مسألة الاسماء إنما تجري عليه لمكان الإذن منه تعالى، وأجيب بأن ما ذكرتموه مما قام الدليل على امتناعه عليه تعالى إما لعدم صحة المعنى، أو لدليل يمنع فيه خاصة، ونحن إنما قلنا بجواز الإطلاق مع عدم المانع، أما لفظ متيقن فإنما امتنع لأن اليقين هو العلم الحاصل عن كثرة الدلائل والأمارات وترادفها حتى حصل الجزم، وذلك مستحيل في حق الله تعالى، وأما الفقيه فلأن الفقه عبارة عن فهم الشيء بعد غموضه والله لا تخفى عليه خافية، وكذلك التبيين فإنه عبارة عن الظهور بعد الخفاء، وأما منع عتيق وجواز حكيم فقد بينا أنه يشترط في الإطلاق عدم المانع، وهنا قد انعقد الإجماع في حكيم أنه يجوز، وفي عتيق أنه ممتنع، على أنا لا نسلم صحة المعنى في عتيق؛ لأنه يفيد أن الزمان قد أثر فيه، ولذلك يقال: تمر عتيق لأن الزمان قد أثر فيه،