مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

الباب الأول فيما يتعلق بالآيات

صفحة 337 - الجزء 1

  ولا يقال في السماء أنها عتيقة إذ لم يؤثر فيها الزمان، فعلى هذا كان المنع لعدم صحة المعنى؛ إذ لا يؤثر الزمان في الباري تعالى شأنه وعز سلطانه، وأما حكيم فالمراد به أنه لا يفعل إلا الصواب والحكمة، أو لا يختار القبيح وإن كان في الأصل كما ذكرتم فالآن قد صار حقيقة فيما ذكر، ولذلك إذا أطلق فقيل: إنه تعالى حكيم، أو قيل: رجل حكيم لم يعقل المعنى الأصلي الذي هو المنع، وإنما يعقل أنما يصدر عنه حكمة وصواب، وهذا المعنى صحيح في الباري تعالى، بل واجب واللفظ حقيقة فيه، فصح وصفه بأنه حكيم، مع أنه يلزمهم أن يمتنع وصف الباري تعالى بما يحق له من أوصاف الكمال ممن عرفه بأدلة العقل ولم تبلغه الرسل⁣(⁣١) والعقل يحكم بحسن ذلك ولا يمنع منه. ذكر هذا في الأساس، وفيه نظر لأنهم يلتزمون هذا إذ هو من محل النزاع، مع أنه مبني على جواز انفراد التكليف العقلي عن الشرعي وفيه نزاع، وإذا كانوا يلتزمونه أو يتنازعون فيما بني عليه، فلا يصلح للرد عليهم به لأنه كرد مذهبهم من دون مستند، بل لأنه مذهبهم.

  والله أعلم.

  وقال (الغزالي): يجوز إطلاق الصفات عليه تعالى وإن لم يرد بها إذن دون الاسماء فلا يجوز إلا بإذن؛ لأن وضع الاسم في حق الواحد منا سوء أدب وفي حق الباري تعالى أولى، وأما الصفات المختلفة


(١) كما لو ربي إنسان في جزيرة بعيدة من الحي ولم يأته أحد يخبره ببعثة رسول وكمل عقله واستعمله وتفكر في صنع الله الموجود في نفسه وما يشاهده من المخلوقات فاستدل بها على أنه لا بد لها من خالق حي قادر عالم سميع بصير فيعلمه بهذه الصفات ولا يجوز أن يصفه بها. تمت مؤلف.