المسألة الأولى: [حسن الصبر]
  سمي شرف نفس، وضده الشره وما بعده(١). وإن لم يكن صبرًا عن مشتهى بل كان عن تحمل مكروه اختلفت أساميه، بحسب اختلاف موقعه، فإن كان في مصيبة لم يتعد به اسم الصبر، ويضاده الجزع، والهلع، والحزن، وهو إطلاق داعي الهوى ليسترسل في رفع الصوت، وضرب الخدود، وشق الجيوب، ونحوهاه. وإن كان في احتمال الغنى(٢) سمي ضبط النفس، وضده البطر، والأشر، وإن كان في محاربه بأن يصبر عن إجابة داعي الفرار والهرب سمي شجاعة، وضده الجين، والخور. وإن كان في كظم غيظ بأن يمسك النفس عن قضاء وطر الغضب سمي حلمًا، ويضاده التذمر، والاستشاطة. وإن كان في نائبة من نوائب الزمان مضجرة سمي سعة صدر، ويضاده الضجر، والتبرم، وضيق الصدر. وإن كان في إخفاء كلام لا يحسن إظهاره سمي كتمان سر، وسمي صاحبه كتومًا، وضده إذاعة، أو إفشاء، أو نميمة، أو فحشاء، أو سبًا أو كذبًا، أو قذفًا، وإن كان عن فضول العيش سمي زهدًا، وضده حرصًا. وإن كان على قدر ما يكفي من حظوظ الدنيا سمي قناعة، وضده حرصًا، وشرها. وإن كان في اناءة بأن لا يجيب داعي العجلة سمي وقارًا، وثباتًا، وضده طيشًا، وخفة. وإن كان عن إجابة داعي الانتقام سمي صفحًا، وعفوًا، وضده انتقامًا وعقوبة. وإن كان في إعطاء بأن لا يجيب داعي الإمساك والبخل سمي جوادًا أو سخاء،
(١) الدناءة ووضاعة النفس، انتهى.
(٢) الغنى بالمعحمة ضد الفقر. تمت. مؤلف.