مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الرابعة: [الظن في مسائل الاعتقاد]

صفحة 3564 - الجزء 6

  إلى علمه في الآخرة كالظن في جنب العلم.

  والثاني: العلم الحقيقي في الدنيا لا يكاد يحصل إلا للنبيين والصديقين، الذين ذكرهم الله تعالى في قوله: {الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا}⁣[الحجرات: ١٥] ثم قال: واعلم أن الظن إن كان عن أمارة قوية قبل ومدح، وعليه مدار أكثر أحوال هذا العالم، وإن كان عن أمارة ضعيفة ذم، كقوله تعالى: {وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ٢٨}⁣[النجم] وقوله: {إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}⁣[الحجرات: ١٢].

المسألة الرابعة: [الظن في مسائل الاعتقاد]

  تقرر أن العمل بالظن في مسائل الاعتقاد لا يجوز، وقد مر الاستدلال على ذلك في السابعة⁣(⁣١) من مسائل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ}⁣[البقرة: ٢١]، وهذه المسألة أعني مسألة البعث والتصديق بيوم القيامة من تلك المسائل لا يجوز العمل فيها إلا بالعلم، ويدل على ذلك أيضًا قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ ٣٢}⁣[الجاثية] فلم يكتف تعالى منهم بالظن بل ذمهم وتوعدهم على الاقتصار عليه.

  إذا عرفت هذا فاعلم أنه لا يجوز حمل الظن في الآية على ما يقتضيه الظاهر، أعني أنهم يجوزون وقوع اللقاء والبعث تجويزًا راجحًا؛ إذ لا يجوز من الله تعالى أن يمدحهم على ما يقبح منهم فعله،


(١) في الموضع الثالث منها. تمت. مؤلف.