مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الرابعة: [شبهات المستدلين على رؤية الله تعالى بهذه الآية]

صفحة 3568 - الجزء 6

  المجاز لأنا نقول الأصل في الإطلاق الحقيقة، فلا يعدل عنه إلا لموجب. ولا موجب هنا وإنما ألجاكم إلى التجويز جعلكم المعد الحقيقي للملاقاة هو اتصال أحد الجسمين بالآخر، فأما إذا جعلناه الاتفاق في الحضرة كان الخروج عن الحقيقة ممنوعًا. لا يقال: لا نسلم أن ذلك معناه. لأنا نقول: قد أقمنا الدليل عليه بقولنا: ومن ثم جاز ... إلخ، وذلك معلوم.

  فإن قيل: المعلوم أنه إذا قال قائل: إذا لقيت فلانًا فاقرئه عني السلام فمعناه إذا رأيته.

  قيل: بل معناه إذا صادفته وكنت في حضرته بدليل أنه يصح أن يقال ذلك للأعمى ولا رؤية له. فكيف تدعون العلم بذلك، وغايته حصول الظن لقرينة، وهي أن الملاقاة إنما تكون في الأغلب مع الرؤية.

  الرابع: أن الملاقاة لو أفادت الرؤية لرآه كل إنسان. لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ ٦}⁣[الانشقاق] فبين أن كل إنسان يلاقيه، ثم قسمهم بقوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ ٧ ...}⁣[الانشقاق: ٧] الآية، ويجب أيضًا أن يراه الكفار. لقوله تعالى: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ}⁣[التوبة: ٧٧] والمنافق لا يرى ربه اتفاقًا، وقال تعالى في معرض التهديد والتحذير من المعاصي: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ}⁣[البقرة: ٢٢٣] فلو كان اللقاء بمعنى الرؤية لوجب أن يراه الكافر، إذ تناولته الآية، ولو فرض أنها في المؤمنين لكان المعنى واعلموا أنكم من أهل الثواب، وقد وقع الاتفاق على أن أحدًا لا يعلم أنه من أهل الثواب إلا الأنبياء أو من أخبروه، وفي الحديث: «من حلف