تفسير قوله تعالى: {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين 45 الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم وأنهم إليه راجعون 46}
  على يمين ليقطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان» وليس المراد رأى الله؛ لأن ذلك وصف أهل النار.
  الخامس: أن العرف مانع من حمل الملاقاة على الرؤية ولهذا يقول المسلمون فيمن مات قد لقي الله، ولا يعنون أنه رأى الله، ويقال: لقي فلان جهدًا شديدًا، ولقيت من فلان الداهية، ولاقي فلان حمامه، وكل ذلك لا يقصد به الرؤية. فإن قيل: إنما امتنع حمل اللقاء على الرؤية فيما ذكرتم للدليل، وامتناعه في تلك الصور لا يمنع من حمله عليها في ستر الصور، وعند ذلك نقول: إنما امتنع حمل قوله تعالى: {إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ}[التوبة: ٧٧] وما أشبهه على الرؤية لما علم ضرورة من أن الكافر لا يرى ربه، وكذلك منع العقل من حمل قول أهل العرف على الرؤية. ولأجل ذلك جاز تقدير مضمر يناسب المقام، ولما كان الإضمار خلاف الأصل اقتصر فيه على ما به يحصل المعنى ويفهم المراد، فقيل: المراد إلى يوم يلقونه يلقون حسابه أو حكمه، أو نحو ذلك مما يناسبه.
  قيل: نعارضكم بمثله فنقول: إنما امتنع حمل اللقاء على الرؤية فيما ذكرتم لقيام الدليل على امتناع رؤية الله تعالى، ووجب التأويل والتقدير بما يناسبه ويحصل به المعنى المراد، وسيأتي دليل امتناع الرؤية إن شاء الله؛ ثم إنا نقول: العدول من الحقيقة إلى المجاز لا يجوز وما تحته إلا لموجب، كما مر، ولا موجب هنا، وقد ذكرنا أن المعنى الحقيقي للملاقاة هو الاتفاق في الحضرة، وتوضيح ذلك أن اللقاء يراد به