مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين 47}

صفحة 3579 - الجزء 6

  ثانيهما: أن يكون لطفًا كمعرفة الله تعالى وبعثة الأنبياء وكالشرعيات.

  ثالثها: أن لا يتم الواجب وترك القبيح إلا به كالقيام⁣(⁣١)، وفتح الباب والنظر في العقليات، وكالإعادة من فعل الباري تعالى⁣(⁣٢) وكالطهور في الشرعيات. فإذا لم يحصل أحد هذه الوجوه فلا يقتضي الوجوب، وما نحن فيه لم يحصل فيه واحد منها، فلا يجب وللخصم أن يقول: لا نسلم عدم الدليل هنا، وسيأتي.

  الدليل الثاني: أنه لو كان ما فعله الله تعالى من ابتداء الخلق والتكليف ونحوهما واجبًا، لأنه أنفع لو جب أن يفعله قبل الوقت الذي فعله فيه.

  فإن قيل: إنما لم يفعل ذلك لما فيه من المفسدة.

  قيل: المفسدة لا تثبت إلا بعد التكليف، والكلام مفروض قبله.

  قيل: وقد التزم أبو القاسم أن الله تعالى خلق الأحياء في أول وقت يمكن خلقه فيه، وإنما لم يقدم خلق الأحياء وغيرهم قبل أوقات حدوثها لما فيه من المفسدة على المكلفين؛ إذ لو لم يكن هناك مفسدة لوجب تقديمه، وهو لا يخل بالواجب، ولا يشترط في المصلحة والمفسدة التعيين، بل إذا قد ثبت أن الباري تعالى عدل حكيم، لا يخل بمصلحة ولا يفعل ما فيه مفسدة وجب علينا القطع فيما خفي علينا وجه الحكمة فيه بأنه مطابق للحكمة، وأن فيما فعله مصلحة، وأنه لم يترك


(١) لرد الوديعة. تمت. مؤلف.

(٢) أي إعادة المئاب، فإنه لا يتم الواجب وهو الثواب عند موجبه إلا بإعادة المثاب. تمت. مؤلف.