مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين 47}

صفحة 3581 - الجزء 6

  من باب التفضل، والكائنة بعد التكليف ثواب مستحق عليه تعالى، والثواب أبلغ من التفضل. فكان خلقهم في الدنيا وتكليفهم أصلح، لا يقال: كان الابتداء بالثواب أصلح؛ لأنا نقول لا يصح الابتداء به. كما مر.

  السادس: أنه كان يلزم العفو عن العاصين، لأنه أصلح.

  فإن قيل: الخصم يقول بوجوب العقاب؛ لأن فيه صلاحًا؛ إذ لا يتم الوعيد الذي هو صلاح إلا به.

  قيل: ونحن نقول: إذا كان الوعيد وكذا التكليف يقدحان في وجوب العفو قبحًا؛ إذ يفوت بهما العفو وهو أنفع، ولأن الابتداء بالثواب أصلح فلا يجبان.

  قال القرشي: على أن هذا الأصلح الذي ذكروه لم يثبت بنفس العقاب بل بالوعيد، فهلا وقع الوعيد والعفو لأنهما أصلح، وإن كشف ذلك عن الكذب؛ لأنه إذا حصل وجه الوجوب وجب الفعل.

  ولقائل أن يقول: هذا الدليل معلول؛ وبيانه من وجوه:

  أحدها: أنا لا نسلم أن العفو أصلح؛ لما في تجويزه من الإغراء بالقبيح، فكيف إذا قيل بوجوبه؟؛ وقد مر في الثالثة عشرة من مسائل قوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ}⁣[البقرة: ٧] إقامة البرهان على هذا وهو يقتضي القول بوجوب العقاب، بل قد صرح به⁣(⁣١) هنالك في مواضع.


(١) ومن صرح به عنه الهادي وغيره من أئمة العترة #. تمت. مؤلف.