مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين 47}

صفحة 3582 - الجزء 6

  الثاني: أنه لو كان أصلح لوقع لأن الله حكيم لا يفعل المفسدة، والمعلوم خلافه. فوجب القطع بأنه لأنه ليس بأصلح.

  الثالث: أن العقاب إذا كان مقطوعًا بالعفو عنه لم يكن للوعيد فائدة؛ إذ المقصود به الزجر عن المعاصي وماذا يؤثر مع القطع بالعفو؟، وإذا كان المراد منه هذا وجب القطع بعدم العفو، ومع ذلك فلا يجوز القول بأن فيه صلاحًا، فضلًا على أن يكون أصلح؛ وقد مر معنى هذا مبسوطًا في قوله: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ}⁣[البقرة: ٧].

  قوله: وإذا كان الوعيد والتكليف يقدحان ... إلخ.

  قلنا: لم يقبح العفو لذلك بل لما فيه من ا الإغراء. كما مر.

  قوله: ولأن الابتداء بالثواب أصلح.

  قلنا: قد مر في مواضع أنه لا يحسن الابتداء بالثواب.

  قوله: على أن هذا الأصلح ... إلخ.

  قلنا: بل ثبت بالعقاب؛ إذ لا فائدة للوعيد مع العلم بانتفاء العقاب؛ وأيضًا، قد مر في الفاتحة أن اللطف واجب، ومر في السابعة من مسائل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ}⁣[البقرة: ٢١] وفي الثالثة عشرة من مسائل قوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ}⁣[البقرة: ٧] أن العلم باستحقاق الثواب والعقاب لطف، وإذا كان كذلك كان العلم باستحقاقهما واجبًا، ولا يجب إلا وهما مستحقان قطعًا، وإلا كان قد وجب علينا فعل القبيح⁣(⁣١)، لا يقال: الاستحقاق لا ينافي العفو؛ لأنا نقول: إن أردت أنه


(١) وهو اعتقاد الجهل. تمت. مؤلف.