مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الأولى: [اتقاء العقاب]

صفحة 3599 - الجزء 6

المسألة الأولى: [اتقاء العقاب]

  الأمر باتقاء اليوم أمر باتقاء ما يقع فيه من العقاب والشدائد؛ لأن نفس اليوم لا يتقى؛ إذ يرده أهل الجنة وأهل النار، واتقاء ذلك يكون بفعل الواجبات واجتناب المقبحات.

المسألة الثانية: [تنكير النفس في الآية زيادة في التهويل]

  في تنكير النفس مبالغة في التهويل؛ إذ المعنى أن نفسًا من الأنفس لا تجزي عن نفس منها شيئًا من الأشياء، وهو الإقناط الكلي القاطع للمطامع، وكذلك قوله: {وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ}⁣[البقرة: ٤٨]؛ وفي وصف اليوم بهذه الصفات تهويل عظيم، وتنبيه على أن الخطب شديد؛ لأنه إذا وقع أحد في كريهة وحاول أصدقاؤه وقرابته دفع ذلك عنه بدأت بما في نفوسها الأبية من مقتضى الحمية، فذبت عنه وتحملت ما يلزمه، كما يفعله الوالد بولده، فإن رأى من لا طاقة له بممانعته عاد بوجوه الضراعة، وصنوف الشفاعة، فحاول بالملاينة ما قصر عنه بالمخاشنة، فإن لم يغن عنه ذلك شيئًا لم يبق بعده إلا فداء الشيء بمثله، إما مال أو غيره، فإن لم يحصل منه على غرض تعلل بما أمكنه من نصر الإخوان، ومدد الأخدان؛ وهذه الأمور غاية ما يرجع إليه في دفع الشدائد، والتخلص من المصائب، فأخبر الله سبحانه أن شيئًا من هذه لا يدفع يومئذ عن عذابه، وفي هذا تحذير من المصائب، وترغيب في تلافي ما فات؛ لأنه إذا تصور أنه ليس بعد الموت استدراك