تفسير قوله تعالى: {واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون 48}
  وهو الإتيان بالواجب واجتناب المحرم، وإلا لزم ثبوت الشفاعة للكفار اليهود لأنهم يقولونها.
  فإن قيل: خصصهم الدليل.
  قلنا: فارضوا منا بمثله في الفاسق، ولتختم هذه الحجة بكلام للسيد محمد بن رشيد رضا(١) ذكره في تفسيره المسمى بـ (المنار). والظاهر أنه منسوب إلى خصومنا ومعدود من علمائهم، فيكون حجة عليهم، ولفظه: أقول: إن مثل من يقترف السيئات معتمدًا على العفو والشفاعة كمثل من يرتكب الجرائم في ملأ من الناس وعلى رؤوس الأشهاد، متعرضًا لقبض الشرطة عليه وسوقه إلى المحكمة لتحكم عليه بعقوبة الجريمة اعتمادًا على أن الأمير أو السلطان قد يعفو عنه بعد الحكم عليه بالعقوبة، ومثل هذا لا يختلف اثنان في حمقه، والله تعالى قد بين لنا شرط نفع الأعمال الصالحة في مغفرة الذنوب. وهو اقترانها بالتوبة الصحيحة، كقوله في حكاية دعاء الملائكة للمؤمنين: {فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ ...}[غافر: ٧] الآيات، وقوله: {وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا ٧١}[الفرقان] وقوله: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ٨٢}[طه]؛ وأما الشفاعة فحسبك قوله فيها: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى}[الأنبياء: ٢٨] مع الجزم بأنه تعالى لا يرضى بالكذب، ولا بغيره من الجرائم.
  الحجة الثانية عشرة: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ ...}[البقرة: ٢٥٤] الآية، وهي نص
(١) وهو من علماء العصر وأظنه مصري. تمت. مؤلف.