الموضع الأول: قوله تعالى: بسم الله، وفيه مسائل:
  الحجة الأولى: على أن وجود الباري تعالى أمر زائد على ذاته أن له تعلقاً بمقدوره ومعلومه، كما أن للإرادة تعلقاً بالمراد، فإذا كشف لنا تعلق الإرادة عن اتصافها بصفة زائدة على ماهيتها تلك الصفة هي الوجود لزم مثله في الباري تعالى، بيان ذلك أن عدمها يحيل تعلقها، ومعنى عدمها أنه لم يثبت لها صفة الوجود، ومثل ذلك يلزم في تعلق القديم بالمقدور، والمعلوم أعني أن فرض عدمه يحيل تعلقه، فإذا كان معني عدمه زوال صفة الوجود عنه كان معنى وجوده ثبوت تلك الصفة له، فحصل المقصود وهو أن وجوده تعالى أمر زائد على ذاته، ولو كان معنى عدمه غير معنى عدم الإرادة لم يصح القياس لاختلاف العلة في الأصل والفرع، لكن اختلاف العدم لا يعقل.
  وأجيب: بأن معنى عدم الإرادة الذي يحيل تعلقها هو انتفاء ماهيتها، فزوال التعلق لانتفاء الماهية لا لأمر زائد وهو انتفاء صفة الوجود بزعمكم، وبالجملة أن هذه الحجة لا تصح إلا لوكان الخصم يسلم حكم الأصل، أو قام الدليل عليه، وكل هذا منتف.
  الحجة الثانية: أنه لو كان وجوده تعالى نفس ماهيته ووجود المحدثات زائد على ماهيتها، ومعنى العدم في الشاهد هو انتفاء صفة الوجود لصدق على الباري تعالى أن يقال: هو معدوم أي ذات لم يثبت لها صفة الوجود، والإجماع يمنع من ذلك، وهذا الدليل سمعي(١) والاستدلال به على أن وجوده زائد على ذاته جائز(٢).
(١) لأن الإجماع من السمعيات. تمت مؤلف.
(٢) إذ لا تتوقف صحة السمع على ثبوت هذه الصفة. تمت مؤلف.