مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الأولى: [دلالة الآية على امتناع رؤية الله تعالى]

صفحة 3754 - الجزء 6

  نحو كون الجوهر جوهرًا واللون لونًا، وإلا لزم أن يصح تعليل صحة القادرية في شخص بما يعلل به صحة عالميته، ويعللها في آخر بغير ذلك، فيصح كونه عالمًا ولا يصح كونه قادرًا مع مساواته للآخر، وذلك يقدح في تعيين الشروط للمشروطات، وهو باطل؛ ثم هذه العلة المشتركة إما الوجود أو الحدوث؛ إذ لا مشترك بين الجوهر والعرض سواهما، فإن الأجسام لا توافق الألوان في صيغة عامة يتوهم كونها مصححة سوى هذين، لكن التعليل بالحدوث باطل؛ لأنه عبارة عن وجود بعد عدم، والعدم لا يكون جزء علة، فتعين الوجود، فثبت أن علة صحة رؤية الجوهر والألوان هي الوجود، والباري تعالى موجود، فيجب أن تصح رؤيته.

  والجواب من وجوه:

  أحدها: أن هذا الدليل يوجب رؤية كل موجود، ومعلوم أن كثيرًا من الموجودات لا ترى، كالعلم والإرادة ونحوهما؛ لا يقال: الخصم ينكر وجود ما لا يدرك؛ لأنا نقول: إنكار وجود نحو ما ذكرنا عناد ومكابرة.

  قالوا: أجرى الله العادة بعدم رؤيتها.

  قلنا: موجبات الرؤية حاصلة، فالحواس سليمة، والموانع مرتفعة، والمدرك موجود، فلو كان يصح عليها الرؤية لوجب أن نراها.

  الثاني: أنكم جعلتم العلة في صحة الرؤية إنما هو الوجود، ومعلوم أن الشيء كما تجدد له صفة الوجود تجدد له صفات أخرى، ولا يمتنع