قوله تعالى: {وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون 55 ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون 56}
  جعل تلك الصفات هي المصححة للرؤية، فليس الوجود بأولى منها.
  فإن قيل: وما تلك الصفة؟
  قيل: هي التحيز في الجوهر، والهيئة في اللون.
  قوله: لزم تعليل الأمر الواحد وهو صحة الرؤية ... إلخ.
  قلنا: لا مانع من ذلك.
  قال الإمام المهدي: ألا ترى أن المصحح لكون القديم تعالى حيًا هي الصفة الأخص، وليس كذلك في حقنا، مع تماثل الحيية في الذوات.
  قوله: لأنها حكم متماثل في الذوات ... إلخ.
  قلنا: ممنوع، قال القرشي: من أين لهم أنها حكم متماثل، وأن صحة رؤية الجوهر تماثل صحة رؤية اللون، وتماثل صحة رؤية الباري؟. سلمنا، فما الدليل على أن الأحكام المتماثلة لا تعلل بعلل مختلفة، فإنا نقول: إنها معللة بالمقتضيات، وهي مختلفة في الأجناس؛ نظيره في العقليات صحة كون الأشياء معلومة، فإنها معللة بصفاتها الذاتية، وهي مختلفة، وفي الشرعيات فساد الصلاة، فإنها تعلل بالحدث والكفر وغيرهما. سلمنا أنها لا تعلل بالعلل المختلفة، فلا مانع من أن تعلل صحة رؤية الجواهر والألوان بكونهما ممكني الوجود من ذاتيهما، أو كونهما معلومين، لا لوجود؛ ويلزم عليه صحة رؤية المعدوم، وقد يقال: المعدوم ليس بشيء، وهذا غير مخلص؛ لأن العلة إذا كانت ما ذكرنا بطل اشتراط كونه شيئًا.
  فإن قالوا: نحن نعلم استحالة رؤية المعدوم.